SELAMAT DATANG DI BLOG RESMI BADRUDDIN MUHAMMAD

Kamis, 08 Oktober 2009

التصوف: المواد المدروسة في كلية الشريعة بجامعة مولانا مالك إبراهيم الحكومية مالانج

المبحث الأول:
أهمية دراسة التصوف

قد يتساءل بعض الناس ما دام التصوف يشتمل في كثير من الأحيان على البدع والضلال والإنحراف فما هي أهمية هذه الدراسة ولماذا ندرسه؟ فأقول : إن لدراسة التصوف أهمية خاصة، وأسباباً لها وجاهة ومن ذلك :
1- إن التصوف يمثل جزءاً كبيراً في تراث المسلمين وفي تاريخهم فالدارس للحضارة الإسلامية وللتاريخ الإسلامي سوف يواجه بمساحة واسعة لهذا الجانب البارز في حياة المسلمين باختلاف الأزمنة والأمكنة لذا لا بد من دراسته والتعرف عليه والوقوف على سليمه من سقيمه.
2- كان التصوف ولا يزال أسلوباً ومنهجاً يدين به الكثير من الناس على مستوى الأفراد والجماعات ويتمثل ذلك بالطرق الصوفية المنتشرة في كثير من بلاد المسلمين، فلا بد من دراسة ذلك لبيان النافع من الضار والهدى من الضلال، ولإصلاح ما يمكن إصلاحه من ذلك ورفض ما لا سبيل لقبوله، ولدراسة النظرات الصوفية المختلفة ونقدها نقداً بناءً.
3- يرى كثير من الناس أن التصوف يمثل الجانب الروحي عند المسلمين ويزعم بعضهم أنه السبيل لتحقيق سعادة الإنسان ولقبوله حلول ذات الله تعالى فيه أو اتحاده به أو ليصبح الإنسان الكامل الذي دعا إليه الجيلي في كتابه الإنسان الكامل.
وهو السبيل إلى صحة الإنسان النفسية وعلاجه من أمراض القلوب، كما أنه يقود إلى معرفة أسرار الوجود وخفايا النفوس.
4- إن كثيراً من الناس في المجتمعات الغربية والإسلامية يجدون في التصوف أياً كان طريقاً للهرب من الحياة المادية المتخمة بالشهوات إلى الزهد والبعد عن الماديات، وقد جعل ذلك جاذبية خاصة للمتمردين على الحياة المادية والبعد عن الرذائل طمعاً فيما عند الله عز وجل.
وإن كان السبيل القويم في ذلك هو طريقة الموازنة بين متطلبات الجسد وتطلعات الروح وليس الانغماس في الترف أو تركه بالكلية، قال صلى الله عليه وسلم : " صم وأفطر وقم ونم فإنَّ لجسدك عليك حقاً، وإن لعينك عليك حقاً وإن لزوجك عليك حقاً، وإن لزورك عليك حقاً " .
5- للناس توجهات مختلفة فبعضهم مالوا إلى النظرية العقلية وهم الفلاسفة والمتكلمون وبعضهم الآخر مالوا إلى النظرية المادية التجريبية وهم التجريبيون والدهريون، واهتم الفقهاء بالأحكام الشرعية والصوفية ومالوا إلى النظرية الوجدانية القلبية أو الباطنية، فاستكمالاً لدراسة النظريات المختلفة لا بد من دراسة التصوف.
6- يرى كثير من الناس في التصوف طريقاً للهرب من أعباء الحياة ومشكلات العمل، وعزلة عن الناس نتيجة الفشل الاجتماعي، وتكاليف الحياة الأسرية، وطريقاً أسهل للكسب وخاصة صوفية الأرزاق.
7- يجد كثير ممن يسعى إلى التقديس وإلى جمع الأتباع والخدم في التصوف طريقاً سهلاً، وذلك لما يعمقه كثير من مشايخ الصوفية في المريدين من ضرورة الطاعة المطلقة للشيخ وخدمته وتقديمه على كل شيء.
10- تشتمل كتب الصوفية على كثير من الغرائب سواءً في الألفاظ أو القصص أو الأخبار وهذا يستهوي كثيراً من الناس، فلا بد من دراسة التصوف للتخلص من ذلك كله إلى إحقاق الحق وإبطال الباطل.
11- إذا رأى بعضهم أن التصوف حق لا باطل فيه ولا بد منه، فنحن ندرسه لاقتفاء حقه، وإذا رأى بعضهم أن التصوف باطل لا حق فيه فنحن ندرسه لتجنب باطله والتحذير منه ورضي الله عن حذيفة بن اليمان الذي كان يقول : " كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني " .
لذا يجب علينا أن نبحث في التصوف وأن نبين ذلك للناس وخاصة للمتخصصين وأن ننصح من اختاره طريقاً وأن نبين له ما ينبغي أن يكون عليه من الحق وما يجب أن يبتعد عنه من الباطل.

1- موضوعه وثمرته
إن غاية التصوف أن يرتقي بالإنسان إلى تهذيب السلوك الإنساني، وكيفية السمو والإرتقاء بالنفس البشرية بالتزكية والتصفية، عن طريق علاج أمراض القلوب، وتصحيح المفاهيم والتصورات، وتقويم الجوارح وفق ضوابط الشريعة، والسمو الأخلاقي عن ملذات الدنيا وشهواتها للفوز برضى الله تعالى، ونيل سعادة الدارين.
ويسعى المتصوف إلى الوصول إلى مرتبة المراقبة وإلى مرتبة الإحسان حتى يكون رقيبه منه ورقيبه فيه ورقيبه عليه وأن يعبد الله كأنه يراه فإن لم يكن يراه فإن الله يراه.

2- فضله
للتصوف فضل عظيم فهو "من أشرف العلوم لتعلقه بمعرفة الله تعالى" ، وليس ذلك فحسب ، بل هو يتصل بصحة عبادة الإنسان ربه عن طريق متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم قال تعالى : ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ ، وعن طريق إخلاص العبادة لله تعالى حيث يقول ( فَمَنْ كَانَ
يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا .
وكذلك لأنه يقوم على أصول خمس ، وهي :
1- تقوى الله في السر والعلن.
2- اتباع السنة في الأقوال والأفعال.
3- الإعراض عن الخلق.
4- الرضا بما قسم الله تعالى.
5- الرجوع إلى الله في السر والعلن.




المبحث الثاني:
التعريف بالتصوف

1- تعريف التصوف في اللغة :
- ورد في الصحاح أن الصوف للشاة ، ويقال كبش صاف أي كثير الصوف.
- وصاف السهم عن الهدف مال وعدل ، والمضارع منه يصوف ويصيف .
- ويرى صاحب المصباح المنير أن كلمة صوفية كلمة مولدة لا يشهد لها قياس ولا اشتقاق في اللغة العربية .

2- أصل كلمة صوفية واشتقاقها
إن الذين تحدثوا عن التصوف والصوفية اختلفوا في أصل الكلمة واشتقاقها وكذلك اختلفوا في نسبة الصوفية اختلافاً كبيراً ، وإن المؤيدين والمعارضين للتصوف لم يتفقوا على نسبة للتصوف، كما أن الصوفيين أنفسهم لم يتفقوا على شيءٍ من ذلك ، وأحاول جاهداً ذكر أقوالهم في ذلك وأدلتهم والاعتراضات على ذلك.
1 - ذهب الكلاباذي إلى أن أصل الصوفية ينتسبون إلى الصفاء وأنهم سموا صوفية لصفاء أسرارهم وشرح صدورهم وضياء قلوبهم .
والذي ذهب إلى ذلك نظر إلى حال الصوفية الأوائل، ولم ينظر إلى الاشتقاق اللغوي، بأنهم بذلوا جهدهم في مراقبة النفس لمعرفة التي تعد من سليمها وسقيمها، وبعد، أن صفاء القلوب ونقائها من أهم الأمور.
2 - وقال آخرون إن الصوفية نسبة إلى أهل الصفة وهم جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا ينزلون في مكان خلف الحجرات في المسجد النبوي، وكانوا متفرغين للعبادة والصلاة في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وللمجاورة وهم فقراء المهاجرين الذين ليس لهم مأوى. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرسل إليهم بما يكون عنده من طعام. وهذا الكلام لا يستقيم بالنظر إلى الاشتقاق اللغوي لأن النسبة إلى أهل الصُفَّة صُفي وليس صوفي .
3 - وقيل إن التصوف نسبة إلى الاتصاف بالصفات الحميدة وترك الصفات الذميمة والنسبة إلى الصفات ليس صوفي بل صفاتي، والصفاتية ، المراد بها مثبتةُ الصفات فالبعض يطلقها على المشبهة ويطلقها المؤولة والنفاة على كل من أثبت الصفات بما فيهم السلف الصالح.
4 - نسبة الصوفية إلى " سوفيا " اليونانية ومعناها الحكمة، والقائلين بذلك حجتهم أن القوم كانوا طالبين للحكمة حريصين عليها فأطلقت عليهم الكلمة وعربت أو حرفت فأصبحت صوفية وصوفي .
وأكد البيروني هذه النسبة لأن فكرة القول بالوحدة ظهرت فيهم، وأكد محمود عبد الرؤوف القاسم على هذه النسبة بالنظر إلى المعتقدات الفلسفية التي يعتقدها الصوفية. ومن حيث ظهورها في زمن الترجمة في نهاية القرن الثاني والقرن الثالث الهجريين. وإنها نشأت في العراق بلد الترجمة وفي زمنها وهو الزمن الذي تفشت فيه الكلمات اليونانية واستعملت في مختلف الفنون .
ولكن الصوفية أنفسهم لا يقبلون أن ينسبوا إلى اليونان لما يجعل للخصوم عليهم سبيلاً حيث ينسبونهم إلى الفكر اليوناني القديم بما فيه من ضلالات وانحرافات.
ولأن الكلمة اليونانية " سوفيا " قصد بها فلاسفة اليونان المنهج الذي قوامه البحث النظري المجرد في الوجود للوقوف على حقائقه ومهيته مما لا يتصل بالسلوك العملي إلا قليل، أما التصوف الإسلامي فإنه ذو طابع عملي .
5 - وقال بعض الباحثين أنه نسبة إلى الصوفانة وهي نبات أي بقلة زغباء قصيرة صحراوية وذلك لاكتفائهم بالقليل من الطعام ولو من نبات الصحراء وهذا غير سليم بمقتضى اللغة لأنه لو نسب إليها لقيل صوفاني وليس صوفي .
ولو سألت الصوفية عن هذه النسبة فلن يقر بها أحد، هـذا إذا علم معنى الصوفانة فإن عامتهم يجهلونها.
6 - وقيل أنهم ينتسبون إلى الصفوة باعتبارهم صفوة الله من خلقه وأنهم النخبة المصطفاة من الأمة. وهذا القول مردود بالنسبة إلى اشتقاق اللغة لأنهم لو نسبوا إلى الصفوة لقيل في اشتقاق اللغة صفوي .
7 - قيل أيضاً أنهم منسوبون إلى الصف الأول المقدم في الصلاة والمقدم بين يدي الله عز وجل وهذا غير مستقيم لغة، فلو نسبوا إلى الصف لقيل صَفِّي .
8 – وقال بعض الباحثين إنه نسبة إلى رجل جاهلي يقال له صوفة ـ وهو الغوث بن مر بن آد بن طنجة ابن إلياس بن مضر، وذلك أن أم الغوث نذرت لئن عاش لتعلقن برأسه صوفة وتجعلنه ربيط الكعبة فكان أول من انفرد لخدمة الكعبة وتبعه أناس في الجاهلية فمن تشبه به فهم الصوفية .
- وهذه النسبة مستبعدة لأن الصوفية لا يقبلون أن ينتسبوا إلى رجل جاهلي أو قبيلة جاهلية.
- ولو صحت هذه النسبة لكان الانتساب إلى الإسلام أولى من الانتساب إلى الجاهلية والشرك.
- ولو صحت هذه النسبة لكانت معروفة في عهد الصحابة والتابعين رضي الله عنهم.
- كما أن هذه القبيلة وهؤلاء القوم غير مشهورين ولا معروفين لا عند المسلمين ولا عند متصوفيهم وإن كان ابن الجوزي رحمه الله يميل إلى صحة ذلك إلا أن ابن تيمية رحمه الله ضعف هذه النسبة .
9- وذهب قوم إلى أن الصوفية نسبة إلى الصوف وذلك لأن النسبة إلى الصوف صوفي وممن رجح هذا القول شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله في الفتاوي والسهروردي وابن خلدون وحجتهم على صحة هذه النسبة :
إن الصوف لباس الأنبياء وخاصة سيدنا محمد وعيسى عليهما السلام وهو لباس الصحابة رضي الله عنهم والتابعين والصوفية المتقدمين رحمهم الله تعالى.
وإن لبس الصوف هو أقرب إلى التواضع والخمول والذل يقول ابو فراس الحمداني مخاطباً سيف الدولة.
يا واسع الدار كيف توسعها ونحن في صخرة نزلزلها
يا ناعـم الثوب كيف تبدله ثيابنا الصوف ما نبدلها

وإن الصوفية كانوا يعرفون هذه النسبة فقد دخل أبو محمد بن أخي معروف الكرخي على أبي الحسن بن بشار وعليه جبة صوف فقال له أبو الحسن : يا أبا محمد صوف قلبك أو جسمك وقال النضر بن شميل لبعض الصوفية تبيع جبتك الصوف ؟ فقال إذا باع الصياد شبكته فبأي شيء يصطاد.
" وإن نسبتهم إلى لبس الصوف تنبئ عن تقللهم من الدنيا وزهدهم فيما تدعوا إليه النفس بالهوى من الملبوس الناعم، ويكون اللابس خشناً مثل الملبوس في خشونته.
وإن لبس الصوف أمر ظاهر والحكم بالظاهر أسلم وأولى في نسبتهم إلى حال أو مقام لأنه أمر باطن ، وأيضاً لأن القول بأنهم صوفية للبسهم الصوف أبعد عن الرياء وأقرب للتواضع.
وإن هذا الرأي قد سلم مما توجه إلى غيره من الآراء فإنه يوافق قواعد اللغة من حيث النسبة والاشتقاق لأنه يقال تقمص لمن لبس القميص وتصوف إذا لبس الصوف.
ويرى الإمام القشيري في الرسالة القشيرية أن التصوف اسم عَلَم على طائفة الصوفية بغض النظر عن اشتقاق الكلمة والأصل الذي أخذت عنه. والحق أن التصوف نشأ نشأةً إسلامية مستقاة من النصوص الشرعية في الزهد وترك الدنيا وملذاتها، ثم لا ينكر مع مر الأيام تأثر بعض الصوفية وأصحاب الطرق بالفكر الغريب المستقى من الفلسفة اليونانية والأديان القديمة وذاك ما سنبينه عند الحديث عن نشأة التصوف وتأثره بالفكر الغريب.
والراجح في هذه الأقوال هو نسبتهم إلى الصوف لأنه حكم بالظاهر وتصح لغة ،أو قول الإمام القشيري وهو من أوائل الصوفية فهو أعلم بشؤونهم.

3- معنى التصوف اصطلاحاً
إذا أردنا أن نعرف التصوف في الاصطلاح فلا بد من الرجوع إلى أقوال الصوفية في ماهية التصوف وكذلك أقوال أصحاب الطرق.
ومنذ نشأة الصوفية إلى يومنا هذا كثرت أقوالهم في حقيقة التصوف إلى ما يزيد على ألف قول، وكل قول من هذه الأقوال يشير إلى أهم جانب في التصوف عند قائله سواءً بالنظر إلى الطريقة أو الخلق أو الغاية، أو بالنظر إلى حاجة الصوفي أو من حوله وبالنظر إلى حاله، ولا تخلو أقوالهم من جانب في الجوانب التالية :

1- التصوف بمعنى الزهد :
قال سمنون : التصوف أن لا تملك شيئاً ولا يملكك شيء.
وقال معروف الكرخي : التصوف الأخذ بالحقائق واليأس مما في أيدي الخلائق.
وقال النوري : التصوف من لا يتعلق بشيءٍ ولا يتعلق به شيء.
وقال ذو النون المصري : الصوفي من لا يتعبه طلب ولا يزعجه سلب.

2- التصوف بمعنى الأخلاق :
قال أبو محمد الجريري : التصوف الدخول في كل خلق سني والخروج من كل خلق دنى.
وقال الكتاني : التصوف خُلق فمن زاد عليك في الخُلق زاد عليك في الصفاء.

3- التصوف بمعنى الصفاء :
قال سهل بن عبد الله : الصوفي من صفا من الكدر ، وامتلأ من الفكر ، وانقطع إلى الله عن البشر واستوى عنده الذهب والمدر.
وقال بشر الحافي : الصوفي من صفا لله قلبه.
وقال الشبلي : التصوف الجلوس مع الله بلا هم.

4- التصوف بمعنى المجاهدة :
قال الجنيد : التصوف عنوة لا صلح فيها. والمراد بالعنوة الجد والتعب والمراغمة.
وقال عمرو بن عثمان المكي : التصوف أن يكون العبد في كل وقت بما هو أولى به في الوقت.

5- التصوف التزام بالشريعة :
قال أبو حفص : حسن آداب الظاهر عنوان حسن آداب الباطن لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لو خشع قلبه لخشعت جوارحه".
وقال الجنيد : التصوف بيت والشريعة بابه.
وقال محمد بن أحمد المقرئ : التصوف استقامة الأحوال مع الله.
وقال أبو عمر بن الجنيد : التصوف الصبر تحت الأمر والنهي.

6- التصوف بمعنى التسليم الكامل لله :
قال الأستاذ أبو سهل الصعلوكي : التصوف الإعراض عن الاعتراض.
وقال رويم : التصوف استرسال النفس مع الله تعالى على ما يريده.
وقال أبو يعقوب المزايلي عن التصوف : حال تضمحل فيه معالم الإنسانية.

7- التصوف بمعنى الإخلاص " الغاية وجه الله " :
قال الجنيد : التصوف أن تكون مع الله تعالى بلا علاقة.
وقال ذو النون المصري : أهل التصوف هم قوم آثروا الله عز وجل على كل شيء ، فآثرهم الله على كل شيء.
وقال أبو الحسين النوري : التصوف ترك نصيب النفس جملة ليكون الحق نصيبها.
8- التصوف بمعنى الارتباط الروحي بالله :
قال أبو نصر الحصري : الصوفي الذي لا تقله أرض ولا تظله سماء.
وقال أبو الحسن الخرقاني : ليس الصوفي بمرقعته وسجادته ، ولا برسومه وعاداته بل الصوفي من لا وجود له.
ونُسب إلى الجنيد قوله : التصوف هو أن يميتك الحق عنك ويحييك به.

9- التصوف ترك التكلف والشكليات :
قال الجنيد : إذا رأيت الصوفي يعنى بظاهره فاعلم أن باطنه خراب.
وقال حماد الدينوري : التصوف أن تظهر الغنى وأن تؤثر أن تكون مجهولاً حتى لا يعرفك الخلق وأن تكف عن كل ما لا خير فيه.

10- التصوف بمعنى الطريق المخصوص للسالكين :
قال الجنيد : الصوفية هم أهل بيت واحد ، لا يدخل فيهم غيرهم.
وقال أبو سليمان الداراني : التصوف أن تجري على الصوفي أعمال لا يعلمها إلا الحق وأن يكون دائماً مع الحق على حال لا يعلمها إلا هو.

وبالنظر في الأقوال المتقدمة نجد أن كل تعريف من تعريفات أئمة التصوف والمنتسبين إليه يشير إلى جانب من الجوانب، وهذه الجوانب مجتمعة تشير إلى جوانب عظيمة من جوانب هذا الدين فالتصوف السني ينبغي أن يتوفر فيه جميع ما ذكر من زهد وإخلاص ومجاهدة وخلق كريم وتسليم لرب العالمين والتزام بشرعه وترك للتكلف، وأن يلتزم المنتسب إلى الله تعالى بالعبادة الدائمة لله عز وجل كما أمر، والبعد عن كل ما نهى الشارع عنه، وعن البدع المضلة وعن الفكر الغريب والفلسفات الباطلة.
ويترجح لدينا بعد عرض تلك التعريفات تعريف ابن خلدون للتصوف لأنه يدل دلالة واضحة على معاني التصوف المتعددة وعلى أحوال الصوفية واهتماماتهم وهو " العكوف على العبادة والانقطاع إلى الله تعالى والإعراض عن زخرف الدنيا والزهد فيما يقبل عليه الجمهور من لذة ومال وجاه، والإنفراد عن الخلق في الخلوة للعبادة ".
والصحيح، أن كلمة التصوف وهي كلمة معروفة منذ أواخر القرن الثاني وشاعت في القرن الثالث للهجرة إلى يومنا هذا وقد ملئت بها الكتب والمكتبات ولا يملك أحد إلغاءها ولا يستطيع ذلك إن أراده. وقد استعمل كلمة التصوف شيخ الإسلام ابن تيمية وامتدح بعضاً من أئمة التصوف، وتكلم في ألفاظهم المستعملة ، ورد على المنحرفين منهم ، وقال نقبل ما عندهم من حق ونحثهم عليه ونرد باطلهم ونزجرهم عنه.
وكل اسم تسمى به جماعة ما لم يكن يدل على الباطل ومرتبط به منذ نشأته، وما لم يكن مرتبطاً بفكر غريب فلا عبرة بالاسم ويهمني المسمى فإذا كان المسمى برمته باطلاً وجب نبذه وإلا نقبل الاسم ونقوِّم المسمى. فكان التصوف في عصر الأوائل مقبولا و ليس باطلاً.

Baca Selengkapnya..
Template by - Abdul Munir - 2008